تعرف على كيف تقوم ذاكرتنا بالعمل ولماذا ننسى في بعض الأحيان

منذ زمن بعيد ، كان البشر يحاولون فهم ماهية الذاكرة ، وكيف تعمل ، ولماذا ننسى أحيانًا. تعد الذاكرة واحدة من أكثر العمليات التي يقوم بها الدماغ تعقيدًا وأهمية ، ولا يزال فهم آلية عملها حتى الآن أحد أكبر الألغاز التي يحاول العلم الإجابة عليها.

تعرف على كيف تقوم ذاكرتنا بالعمل ولماذا ننسى في بعض الأحيان


الصورة المتداولة بين عامة الناس عن الذاكرة هي أنها تشبه خزنة ملفات يوجد بداخلها مجلدات تحتوي على جميع المعلومات التي تم تخزينها , و ربما في العصر الحالي ينظر الناس الى الذاكرة وكأنها سوبر كمبيوتر عصبي هائل القدرة و السرعة , ومع ذلك تبقى هذه التشبيهات بعيدة كل البعد عن الحقيقة في ضوء العلوم البيولوجية والنفسية الحديثة .
في الواقع يعتقد العلماء اليوم أن الذاكرة أكثر تعقيداً وتطوراً من ذلك, حيث إن  ذاكرتنا لا تتركز في مكان واحد معين في الدماغ، ولكن بدلا من ذلك تبدو كعملية موسعة تتم على عدة مجالات و مناطق في الدماغ تعمل بالتزامن مع بعضها البعض للقيام بتلك المهمة ( ويشار أحيانا الى تلك العملية الموسعة باسم المعالجة الموزعة ) , فعلى سبيل المثال بمجرد ركوب شخص ما لدراجته يبدأ الدماغ بإعادة بناء مجموعة من الذكريات المختلفة : ذكرى كيفية تشغيل الدراجة تأتي من مكان معين , ذكرى تحديد طريق الرحلة تأتي من مكان آخر محدد , ذكرى إجراءات الأمان والسلامة تأتي من مكان آخر أيضاً , وهكذا ….
إن ذلك الشعور العصبي الذي يراود سائق الدراجة عندما تقترب منه سيارة مسرعة وتكاد أن تصطدم به ويشعر بالخطر الشديد يأتي أيضاً من مكان محدد في الدماغ .

الأعصاب


جميع العناصر التي تشكل الذاكرة (المشاهد والأصوات والكلمات والعواطف) تأتي من نفس المكان الذي تم تخزين ذلك العنصر فيه لأول مرة (القشرة البصرية، القشرة الحركية، منطقة اللغة…..), وإعادة استدعاء تلك الذكريات يعمل على توليد نفس السيالات العصبية التي تم توليدها عند تخزين تلك الذكرى وبالتالي مع تكرار عمليات الاستدعاء تتكون صورة أفضل للذكريات وتتفرع الشبكة التي تمر عبرها تلك الذكريات لتشكل شبكة معقدة مؤلفة من عقد ونقاط تقاطع حيث تشكل تلك العقد و نقاط التقاطع العناصر المختلفة من الذاكرة التي تنضم لتلك الذاكرة لتشكل ذاكرة مغلقة لشخص أو حدث ما وذلك يعني أنه حتى في حال تلف جزء من الدماغ فإن توزيع الذاكرة يضمن بأن بعض الأجزاء لا تزال موجودة وسليمة .

 

أنواع الذاكرة 
إن ما اعتدنا على تسميته بالذاكرة و ما نتعامل معه يوماً بعد يوم هو ما يسميه العلماء بالذاكرة طويلة المدى , ولكن هناك أيضاً أنواع مهمة من الذاكرة وهي الذاكرة قصير المدى و الذاكرة الحسية وتضيف العلوم العصبية أنواعاً أخرى من الذاكرة كالذاكرة المبرمجة والذاكرة الذاتية,  لكن الأنواع الثلاثة التي سنتكلم عنها هي ما تم الإجماع عليها من قبل متخصصي علوم الأعصاب .

 

الذاكرة الحسية 
وهي تمثل المستوى الأول من الذاكرة , حيث تقوم بالعمل مباشرة مع أعضاء الحس في جسم الإنسان وتقوم بحفظ انطباعات قصيرة عن المؤثر الحسي بعد انتهاء المؤثر نفسه وتعمل هذه الذاكرة كمرشح للمعلومات المستقبلة من الخارج حيث تقوم بتصفيتها وتمرير ما هو هام منها الى الذاكرة قصيرة المدى ( عبر عملية الانتباه ) وإهمال الباقي .

من أهم مميزات الذاكرة الحسية :
سعة هائلة 
المعلومات المحفوظة غير معالجة وغير مفسرة 
زمن الحفظ بالذاكرة الحسية قصير جداً فهو على سبيل المثال نصف ثانية للمؤثرات البصرية و 4 ثوان للمؤثرات السمعية .

 

الذاكرة قصيرة المدى أو الذاكرة العاملة
كما قلنا سابقا تتم عملية غربلة للمعلومات في الذاكرة الحسية ثم يتم ارسال المعلومات المهمة الى الذاكرة القصيرة المدى وتتضمن تلك المعلومات التي تتصل بأحاسيسنا ومشاعرنا والأفكار التي تراودنا . 

ومن أهم ميزات الذاكرة قصيرة المدى : 
سعة الذاكرة قصيرة المدى محدودة 
المعلومة مخزنة بشكل مشفر 
تبقى المعلومة في الذاكرة قصيرة المدى من 30 الى 40 ثانية 
بعد وصول المعلومة الى الذاكرة قصير المدى يتم تجهيز بعض تلك المعلومات لنقلها الى الذاكرة طويلة المدى .

الذاكرة طويلة المدى 
إن التخزين في الذاكرة الحسية وقصيرة المدى يدوم لفترة محددة ولكن كمعلومة مجردة وغير محددة , أما الذاكرة طويلة المدى فيتم فيها تخزين المعلومة بصور مفهومة ومترابطة ولفترة غير محدودة علماً أن سعة الذاكرة طويلة المدى غير محدودة .
ومن أهم ميزات الذاكرة طويلة المدى :
سعة تخزين غير محدودة 
المعلومات المخزنة مفسرة ومترابطة 
إمكانية الحفظ لفترة غير محدودة 
إن بعض الدراسات العلمية الجديدة تؤكد أن باستطاعة الإنسان تذكر كل خبرة أو معلومة اكتسبها لو وجدت الطريقة المناسبة لاستخراج تلك المعلومة, فالمعلومات تكون محفوظة على الذاكرة طويلة المدى بشكل غير قابل للحذف, ولكن نظراً لقلة استدعائها أو لعدم أهميتها تصبح طرق الوصول الى المعلومة قليلة أو حتى معدومة , حيث يتم تخزين المعلومات في الدماغ تبعاً لاستخدامها ولدرجة حاجة الشخص إليها , ومن المهم أن نذكر أن المعلومات المخزنة في الذاكرة طويلة المدى مترابطة جداً وهذا يعني أنه عند تخزين معلومة جديدة يتم إضافتها للمعلومات المخزنة سابقا ذات الصلة .

إقرأ أيضاً
عشرة معلومات ظنناها حقائق علمية ولكن بالواقع هي خاطئة تماما

حضارة المايا .. علوم متقدمة و آثار محيرة

تقنية الطباعة المجسمة ( ثلاثية الأبعاد )